من البقوليات التي ذكرها القرآن الكريم الفوم، قال تعالى: “فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها” (سورة البقرة الآية: 61).
وورود ذكر الفوم في القرآن الكريم لا شك انه ذو دلالة فينبغي ان نقف عنده، لأن القرآن لا يذكر شيئا عبثا، لكن يا ترى ما معنى الفوم هنا؟
تقول القواميس العربية مثل الصحاح للجوهري والقاموس للفيروز آبادي بأن الفوم هو الثوم، ومن قال بأنه الثوم استشهد بقراءة ابن مسعود للآية.
وقال آخرون بأن الفوم هو الحنطة، وقيل بأنه الحمص أو الحبوب كلها.
وأكثر المفسرين واللغويين بأن الفوم هو الحنطة، والبر الذي يخبز منه الناس خبزهم ويعيشون عليه.
اما الثوم فهو المشابه للبصل وقد ذكر الله البصل بعينه فلا يعقل ان يذكر شيئين من جنس واحد.
اقول هذا وجهة نظر، لكن الله له ان يقول ويفعل ما يريد، فهو له الحكمة فيما يقول ويفعل وحاشا ان يكون له عبث في القول أو الفعل.
نعم ذكر الضأن والمعز في آن واحد في حين انهما قريبا من بعض، فلا مانع ايضا ان يذكر الثوم ويذكر البصل، فلكل خاصية معينة.
وعلى افتراض ان الفوم هو الحنطة فلا يمنع ان نشير الى كل منهما فكلاهما مهم في حياتنا.
فالحنطة وهي القمح والبر هي نبات ذو بذور نشوية كما تقول الموسوعة العربية العالمية، يتم طحنها لتصبح دقيقا أو جريشا لاستخدامه في طعام الانسان، ويمكن ان يكون علفا للدواجن.
والحنطة السوداء يصنع منها نوع من المعكرونة ايضا وهي غنية بالسكريات والنشويات وتحتوي على قليل من البروتين والدهن، وهي احد مصادر الحديد وفيتامين ب.
هذا ويقال بأن الحنطة السوداء زرعت في الصين منذ اكثر من 1000 عام، وكان الاتحاد السوفييتي قبل تفككه يتصدر العالم في انتاج الحنطة السوداء.
أما الثوم فهو نبات قديم ايضا عرفه الفراعنة منذ 3200 سنة قبل الميلاد، وورد ذكره في التوراة واشار اليه التلمود وجعله من التوابل.
وقالوا ايضا بأن الثوم موطنه الأصلي أواسط آسيا وهو من البقوليات التي لا تستغني عنها البيوت والمطابخ، ويستخدم على شكل بصلات كاملة، أو على شكل مسحوق، أو استخلاص عصيره، أو معجونا.
اما فوائده فقال عنه الطب بأنه نافع لمن مزاجه بلغمي، ويفتح السدد وهاضم للطعام، ويقوم مقام الترياق في لسع الهوام، وينفع لوجع الصدر وطارد للديدان، وقاتل للجراثيم.
لكن ذكروا ان من مضاره أنه جالب للصداع ويضعف البصر والباه ورائحته كريهة جدا وأشد كراهية من البصل.
لذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه وعن البصل: “من اكلهما فليمتهما طبخا”. رواه مسلم.
وروى الامام البخاري في صحيحه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث الى أبي ايوب الانصاري رضي الله عنه طعاما فيه ثوم فقال: يا رسول الله تكرهه وترسله الي؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اني أناجي من لا تناجي.
وبالمناسبة فإن الاطباء في العصر الحديث نصحوا للتخلص من رائحة الثوم الكريهة بأن يتناول آكله تفاحة، أو ان يمضغ ورق النعناع أو ان يمص قليلا من القرنفل ويبلع ماءه.
ويمكن ايضا ان يستغنى عن أكل الثوم الأصلي بتناول كبسولات تباع في الصيدليات تحتوي على خلاصة الثوم من دون رائحة، لكن لا أعتقد ان الذي يأكل هذه الخلاصة يستلذ كمن يأكل الثوم نفسه.
منقول