التين من فصيلة التوتيات، كما ورد في الموسوعات العلمية، ويذكر احمد قدامة في كتابه
“قاموس الغذاء والتداوي بالنبات” بأن التين ورد اسمه في التوراة والانجيل والقرآن،
واستعمله الفراعنة لعلاج المعدة وغيرها، واستعمله الفينيقيون للغذاء ولعلاج البثور،
وقد ذكر هوميروس التين في إلياذته المشهورة، أما سقراط فذكره في دراسته للنبات،
وكذلك افلاطون الذي كان اكثر الناس تناولا للتين، ولذلك لقبوه بصديق الفلاسفة.
ويذكر البعلبكي أن التين أنواع: أصفر وأحمر وأبيض وأسود، وهو سكري المذاق ومن
أعرق الاشجار المثمرة التي عرفها الانسان منذ القدم، ولقد لعب التين دوراً بارزاً في
اساطير الرومان الذين استخدموه في مهرجاناتهم الدينية.
وقد تحدث الطب القديم والحديث عن التين وخاصيته، فقد قال عنه ابن سينا بأن أجوده
التين الابيض ثم الأحمر ثم الأسود، وهو يقوي الكبد ويذهب الباسور وعسر البول والربو،
وينفع من الصرع والجنون ويفيد الحوامل ويهدىء السعال المزمن.
ويذكر الطب الحديث عن التين بأنه كثير التغذية ويعطى للرياضيين، وهو ملين ومفيد
لامراض الصدر والضعف العام، وينفع القروح، ويشتمل على السكر اكثر من جميع الفواكه،
وينصح الشباب والشيوخ بتناوله إلا من كان مصابا بالسكري والسمنة وعسر الهضم.
إذن التين شجرة مميزة وثمرها متميز ايضا، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى أقسم به في محكم كتابه بقوله
(والتين والزيتون وطور سينين).
يقول الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره المسمى ب”الجواهر في تفسير القرآن الكريم”:
“إن الله سبحانه وتعالى أقسم بفاكهتين هما التين والزيتون، وبمكانين مرتفعين من الارض
هما طور سينين ومكة، ذلك ان الانسان يحتاج في حياته الى طعام وشراب ولباس ومسكن
وجماعة يتحد معهم في بلدة أو امة، فالجبال مبادئ للأنهار ومخازن للمياه، والماء يعيش به
الحيوان والنبات، والنبات منه ملابس ودواء وفاكهة، والفاكهة انواع.
فالجبل ارتقاه موسى وهو للذكر والمناجاة وسمو الاخلاق والعلوم التي تصحو بها النفوس،
والفواكه تصفو بها الاجسام وتطهر من العلل والامراض، وكون انهما خصهما بالذكر فلأن
الطور سيد الجبال والتين والزيتون سيدا الفواكه والثمار”.
ويذكر سيد قطب في كتابه “في ظلال القرآن” بأنه كثرت الاقوال في التين والزيتون، فقيل:
بأنه اشارة الى طور تينا بجوار دمشق، وقيل: اشارة الى شجرة التين التي راح آدم وزوجته
يخصفان من ورقها على سوآتهما في الجنة التي كانا فيها قبل هبوطهما الى هذه الحياة الدنيا،
وقيل: منبت التين في الجبل الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام، وقيل: التين هو هذا المعروف الذي نأكله.
ثم يقول: لا نملك بعد هذا ان نجزم بشيء في هذا الامر، والأقرب ان يكون ذكر التين والزيتون
اشارة الى اماكن أو ذكريات ذات علاقة بالدين والايمان، أو ذات علاقة بنشأة الانسان في احسن تقويم.
وذكر ابن القيم في كتابه “الطب النبوي” حديث ابي الدرداء ، الذي يقول:
أهدي الى النبي صلى الله عليه وسلم طبق من تين، فقال: كلوا وأكل منه وقال:
لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها
فإنها تقطع البواسير وتنفع من النقرس.
ثم قال ابن القيم تعليقاً عليه: وفي ثبوت هذا الحديث نظر، وقال ايضا: اذا لم يرد ذكره في السنة
فلأن ارض الحجاز تنافي ارض التين، ولكن أقسم الله به في كتابه لكثرة منافعه وفوائده والصحيح
ان المقسم به هو هذا التين المعروف.
ومما قال عنه الشعراء قول اسامة بن منقذ:
أما ترى التين في الغصون بدا
ممزق الجلد مائل العنق
كأنه رب نعمة سلبت
اصبح بعد الجديد في خلق
قد عقدته يد السموم لنا
فالوذج الروح غير محترق
فقم بنا سحرة بناكره
قبل جفاف الندى عن الورق
ولا تمل بي الى سواه فلا
أميل عنه ما دمت ذا رمق
منقول